اللغات الرئيسية في العالم وتوزيعها
المقدمة
اللغة ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي سجلّ حيّ للثقافة والتاريخ والهوية. التنوع اللغوي في العالم يعكس ثراءً حضاريًا وتاريخيًا مذهلاً. ومع ذلك، فإن هذا التنوع يتعرض لتحديات خطيرة بسبب العولمة، مما يجعل دراسة توزيع اللغات ضرورة لفهم التغيرات الجغرافية والثقافية.
الإحصائيات العامة حول اللغات في العالم
عدد اللغات في العالم:
7000 لغة حية تقريبًا وفقًا لبيانات منظمة "Ethnologue".
اللغات تتوزع على القارات بنسب متفاوتة:
آسيا: 2300 لغة (أكثر من ثلث لغات العالم).
إفريقيا: 2140 لغة (29% من لغات العالم).
أوقيانوسيا: 1300 لغة، رغم أن عدد سكانها قليل نسبيًا.
الأمريكتان: 1050 لغة (13% من لغات العالم).
أوروبا: 280 لغة فقط (أقل قارة).
حقائق مهمة عن توزيع اللغات:
1. اللغات الأكثر انتشارًا:
بعض اللغات، مثل الصينية والإنجليزية، يستخدمها مليارات الأشخاص، بينما هناك لغات لا يتحدث بها إلا أقل من 100 شخص.
2. لغات مهددة بالاندثار:
أكثر من 40% من اللغات الحية مهددة بالاختفاء في غضون العقود القادمة، خاصةً تلك التي يتحدث بها مجتمعات صغيرة.
عائلات اللغات الكبرى
1. عائلة اللغات الهندو-أوروبية
تُعد أكبر عائلة لغوية من حيث عدد المتحدثين.
تضم لغات أوروبية وآسيوية مثل:
الإنجليزية.
الإسبانية.
الروسية.
الفارسية.
2. عائلة اللغات السامية
تنتشر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
اللغات الرئيسية:
العربية: لغة أكثر من 400 مليون شخص.
العبرية: لغة دولة إسرائيل.
الآرامية: لغة قديمة لا تزال مستخدمة في بعض المجتمعات.
3. عائلة اللغات الصينية-التبتية
تتركز في شرق وجنوب آسيا.
الصينية الماندرين هي اللغة الأبرز، وتُعد الأكثر تحدثًا عالميًا (حوالي 1.4 مليار متحدث).
4. عائلة اللغات النيجر-كونغو
تُعد أكبر عائلة لغوية في إفريقيا.
تنتشر في جنوب الصحراء الكبرى.
تضم لغات مثل: السواحيلية، الهاوسا، والزولو.
5. عائلة اللغات الأسترونيزية
تنتشر في المحيط الهادئ وجنوب شرق آسيا.
تضم لغات مثل: الملايو، التاغالوغ، والماوري.
التوزيع الجغرافي للغات
1. آسيا
القارة الأكثر تنوعًا لغويًا.
تشمل لغات قديمة وعريقة مثل السنسكريتية، الصينية، والعربية.
تتسم المناطق الجبلية والجزر الصغيرة بتنوع لغوي كبير بسبب العزلة الجغرافية.
2. إفريقيا
تُعرف بـ "قارة اللغات".
تضم 30% من لغات العالم.
يتحدث سكانها لغات محلية إلى جانب لغات أوروبية كالإسبانية والفرنسية بسبب الاستعمار.
3. الأمريكتان
تشمل لغات السكان الأصليين (مثل الناهواتل والكيتشوا) واللغات المستوردة كالإنجليزية والإسبانية.
تعرضت لغات السكان الأصليين لاندثار كبير بعد الاستعمار الأوروبي.
4. أوروبا
أقل القارات تنوعًا لغويًا.
اللغات الهندو-أوروبية هي السائدة.
رغم قلة عدد اللغات، فإنها الأكثر تأثيرًا عالميًا بفضل الاستعمار والتكنولوجيا.
5. أوقيانوسيا
لغات صغيرة ومنفصلة.
جزر المحيط الهادئ تضم آلاف اللغات المحلية مثل لغات ميلانيزيا وبولينيزيا.
العوامل المؤثرة في توزيع اللغات
1. العوامل الجغرافية
المناطق الجبلية والجزر النائية تؤدي إلى عزلة لغوية وتنويع اللهجات.
المناطق المفتوحة (مثل السهول) تشهد انتشار لغات قليلة على مساحات واسعة.
2. العوامل التاريخية والسياسية
الاستعمار الأوروبي أدى إلى انتشار لغات مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية.
الحروب والهجرات ساهمت في انقراض بعض اللغات وظهور أخرى.
3. العوامل الاقتصادية والتجارية
اللغات الاقتصادية (مثل الإنجليزية) تزداد انتشارًا بفضل التجارة والتكنولوجيا.
بعض اللغات المحلية تتراجع بسبب ضعف استخدامها في الاقتصاد والتعليم.
4. العوامل الثقافية والدينية
اللغة العربية انتشرت مع الإسلام.
اللاتينية كانت لغة الكنيسة الكاثوليكية وانتشرت مع المسيحية.
اللغات الأكثر انتشارًا في العالم
1. الصينية الماندرين
اللغة الأكثر تحدثًا عالميًا (1.4 مليار متحدث).
تُعد لغة رسمية في الصين وسنغافورة وتايوان.
2. الإنجليزية
لغة عالمية بامتياز.
تُستخدم كلغة أم أو ثانية من قبل 1.5 مليار شخص.
تنتشر في الأمريكتين وأوروبا وآسيا وإفريقيا وأستراليا.
3. الإسبانية
تُعد اللغة الثانية عالميًا من حيث عدد الناطقين الأصليين.
تنتشر في أمريكا اللاتينية وإسبانيا وبعض مناطق الولايات المتحدة.
4. العربية
لغة مقدسة لدى المسلمين.
منتشرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأجزاء من آسيا.
5. الهندية
لغة رسمية في الهند وجنوب آسيا.
يتحدث بها حوالي 600 مليون شخص.
تحديات التنوع اللغوي
1. اندثار اللغات:
تتعرض لغات صغيرة للاندثار بمعدل لغة كل أسبوعين.
2. سيطرة اللغات العالمية:
يؤدي الاعتماد المتزايد على الإنجليزية والصينية إلى تراجع اللغات المحلية.
3. ضعف التوثيق:
كثير من اللغات المهددة غير موثقة، مما يجعل إنقاذها صعبًا.
جهود الحفاظ على اللغات
1. التوثيق الرقمي
مشاريع لتسجيل اللغات شفهيًا وكتابيًا.
استخدام التكنولوجيا لتعليم اللغات المحلية.
2. التعليم
إدخال اللغات المحلية ضمن المناهج الدراسية.
تعزيز الهوية الثقافية من خلال اللغات الأم.
3. التشريعات والسياسات اللغوية
دعم الحكومات للغات المهددة بالاندثار من خلال قوانين تحميها.
1- قارات لديها لغات أكثر من أخرى
تتصدر اللغة الصينية عدد الناطقين بها كلغة أم بواقع 1.39 مليار ناطق، وتليها اللغة الهندية الأوردو التي ينطقها 588 مليون شخص كلغة أصلية، وتليها اللغة الإنجليزية التي ينطقها 527 مليون شخص، ثم اللغة العربية التي ينطقها 467 مليون شخص كلغتهم الأصلية، فيما ينطق 389 مليون شخص فقط باللغة الإسبانية، ثم اللغة الروسية والتي ينطقها 254 مليون شخص، وتأتي اللغة البنغالية بعد ذلك بعدد ناطقين بلغوا 250 مليون شخص، ثم اللغة البرتغالية التي ينطقها 193 مليون شخص، ثم اللغة الألمانية التي يتحدث بها 132 مليون شخص كلغة أم، وبعدها اللغة اليابانية التي يتكلم بها 123 مليون شخص، وتأتي الفرنسية في المرتبة التالية بواقع 118 مليون شخص يتحدثها كلغة أم، ثم تأتي اللغة الإيطالية بعدد ناطقين بلغوا 67 مليون ناطق فقط.
ولا تتساوى كل القارات في عدد اللغات المستخدمة فيها، حيث تتصدر قارة آسيا القائمة بعدد لغات وصل 2301 لغة، وتليها إفريقيا بما يقارب 2138 لغة.
وما يقرب من 1300 لغة في قارة أستراليا ودول الباسفيك، وحوالي 1064 في الأمريكتين، وبالرغم من التعدد الثقافي في أوروبا إلا أنها أقل القارات تنوعاً في اللغات المستخدمة بواقع 286 لغة.
2- بعض اللغات يتكلمها عدد أكبر من المتحدثين بها كلغة أم
اللغة الصينية لها أكبر عدد من المتحدثين بها كلغة أم، ويليها اللغة الهندية والأوردو اللتان لهما نفس الجذور اللغوية في شمالي الهند، وبعد ذلك تأتي اللغة الإنجليزية بواقع 527 مليون ناطق بها، أما اللغة العربية فيستخدمها حوالي 467 مليون شخص، وهم أكثر بقليل من الناطقين باللغة الإسبانية. قد تبدو الأرقام مذهلة كون حوالي ثلثي سكان العالم يتشاركون في التحدث بـ12 لغة رسمية فقط، وقد نُشرت تلك الأرقام بناءً على بحث لأورليش عمون أحد أساتذة جامعة دوسلدورف الألمانية، واستندت الأرقام إلى نتائج بحث استمر 15 عاماً.لكن أرقام عمون تتعارض مع أرقام سابقة كان قد أعلنها مكتب الاستخبارات الأمريكية، فبحسب الأخير فإن اللغة الإسبانية ينطق بها حوالي 4.85% من سكان العالم، ويرجح أنها تستخدم أكثر من اللغة الإنجليزية، ولكن مع عدم إغفال حقيقة أن بحث الاستخبارات الأمريكية تضمن فقط اللغة الأم الأولى، فهناك العديد من الأشخاص حول العالم مزدوجو اللغة، وبينما تعد الإسبانية اللغة الأم الأولى بالنسبة لهم فيمكن أن تكون الإنجليزية لغتهم الأم الثانية. أما بحث عمون فقد تضمن اللغة الأم الأولى والثانية للأفراد.
3- الخريطة التالية توضح الدول بحسب الأكثر والأقل تنوعاً لغويّاً
(مؤشر جرين بيرج للتنوع هو احتمالية اختيار شخصين عشوائيّاً في بلد واحد يتحدثان لغتين أم مختلفتين. القيمة الأعلى للمؤشر هي 100، وبلوغ تلك القيمة يعني أن كل شخص في تلك الدولة له لغة أم مختلفة).
تتصدر بابوا نيو جانيوا تلك القيمة ببلوغها 98.8، وبحسب نتائج مؤشر جرين بيرج فإن الولايات المتحدة لا يوجد بها تنوع لغوي كما الحال في بلدان أخرى كثيرة.
ووفقاً لأرقام هذا المؤشر فإذا اخترت شخصين عشوائيّاً في الكاميرون، على سبيل المثال، ستكون احتمالية تحدث كل منهما لغة أم مختلفة عن الآخر هي 97%، وفي الولايات المتحدة احتمالية حدوث ذلك هي 33% فقط.
4- العديد من اللغات المشهورة تستخدم في أكثر من دولة
فاللغة الإنجليزية هي الأكثر استخداماً حول العالم بواقع 101 دولة، أما اللغة العربية فتأتي في المرتبة الثانية حيث تستخدمها 60 دولة حول العالم، ثم الفرنسية التي تستخدم في 51 دولة، وبعدها الصينية التي تستخدم في 33 دولة بما فيها الصين، ثم الإسبانية المستخدمة في 31 دولة، ثم اللغة الفارسية المستخدمة في 29 دولة، وتأتي اللغة الألمانية بعدها حيث تستخدم في 18 دولة، ثم اللغة الروسية التي تستخدم في 16 دولة، وبعدها للغة الماليزية المستخدمة في 13 دولة، ثم أخيراً تأتي اللغة البرتغالية المستخدمة في 12 دولة فقط.
السبب في انتشار اللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية في أكثر عدد من الدول حول العالم يعود إلى سيطرة إمبراطورياتهم في حقب زمنية مختلفة على تلك البقع من العالم.
5- اللغة الإنجليزية منتشرة كلغة رسمية على نطاق كبير
35 دولة حول العالم تعتبر اللغة الإنجليزية لغتها الرسمية: البرازيل، بتسوانا، كندا، الكاميرون، إريتريا، فيجي، غانا، جيانا، الهند، أيرلاندا، جامايكا، كينيا، ليبيريا، ليسوتثو، مالاوي، ناميبيا، نيجيريا، نيوزيلاندا، باكستان، الفلبين، بابوا نيو جانيوا، بيورتو ريكو، رواندا، السودان، جنوب السودان، جزر سولومون، سيراليون، سوازيلاند، ترينيداد وتوبوجو، تنزانيا، أوغندا، فانواتو، جنوب إفريقيا، زامبيا، زيمبابوي.
وبالرغم من اعتبار تلك الدول الإنجليزية لغتها الرسمية لكن ذلك لا يعبر بشكل واضح عن مدى تعامل الأفراد داخل تلك الدول باللغة الإنجليزية، فالعديد من هذه البلاد لم يتعلم الإنجليزية من أهلها سوى القليل.
6- معظم اللغات يستخدمها عدد قليل من الناس، ولذلك فإن نصف لغات العالم تقريباً ستختفي بانتهاء القرن الحالي.
النقاط بالأحمر: دول اللغات فيها انقراضها محتم
النقاط بالبرتقالي: مهددة بالانقراض
النقاط بالأصفر: في خطر
حوالي 3% من سكان العالم يستخدمون 96% من اللغات الحية حالياً، و2000 لغة فقط من كل لغات العالم يتحدث بها أقل من 1000 شخص.
وبحسب تقديرات منظمة اليونيسكو (المعتمد عليها في رسم الخريطة أعلاه) فحوالي نصف لغات العالم المستخدمة الآن ستختفي بنهاية القرن الحالي.
ومن المتوقع أن يضرب الانقراض اللغوي بعض البلدان بشكل أكبر من الأخرى، ففي الولايات المتحدة تتركز اللغات التي تواجه خطر بالانقراض على طول الساحل الغربي، بالإضافة إلى مخاطر تحف بلغة السكان الأصليين في الغرب الأوسط.
أما عالميّاً، فكل من غابات الأمازون المطيرة وجنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا وأوقيانوسيا وأستراليا وجنوب شرق آسيا، على وشك فقدان لغاتهم الأم.
تعتبر اللغة الإنجليزية هي اللغة الأجنبية الأكثر تعلماً حول العالم بواقع 1.5 مليار دارس، ويليها اللغة الفرنسية بـ82 مليون دارس، ثم اللغة الصينية بواقع 30 مليون دارس، وتأتي كل من اللغتين الإسبانية والألمانية متساويتين من حيث عدد الدارسين لها حول العالم بواقع 14.5 مليون دارس، ثم اللغة الإيطالية التي يدرسها حوالي 8 مليون شخص، وفي المرتبة الاخيرة تأتي اللغة اليابانية بنصيب 3 مليون دارس فقط.
بعض اللغات جذبت الانتباه إليها مؤخراً، حيث زاد عدد الجامعات الأمريكية التي تدرّس اللغة الصينية بنسبة 110% بين عامي 1990-2013؛ مما جعل اللغة الصينية أكثر استخداماً، وفي نفس الفترة انخفضت عدد الجامعات الأمريكية التي تدرس اللغة الروسية بنسبة 30%.
بعض اللغات تجعل من الماهرين بالتحدث بها مقدرين أكثر من لغات أخرى، فمثلاً إذا كان الأمريكي متحدثاً ممتازاً للغة الألمانية فيمكنه جني 128 ألف دولار في مجال عمله، وذلك بحسب ما قاله ألبرت سايز عالم معهد ماساتشوستس الأمريكي، وعلى نفس المستوى المالي، فمثلاً اللغة الألمانية يمكنها أن تعود على متقنيها بعائد مالي ضعف الذي يحصل عليه متقن اللغة الفرنسية وما يقارب ثلاثة أضعاف ما يجنيه متقن اللغة الإسبانية.
الخاتمة
اللغات هي كنز إنساني يعكس التنوع الثقافي والحضاري. يتطلب الحفاظ على هذا التنوع التزامًا عالميًا يتضمن التوثيق، التعليم، والسياسات الداعمة. بدون هذه الجهود، سنفقد تراثًا لغويًا ثمينًا إلى الأبد.